24 آب 2025
طائرة J-50 الصينية: المقاتلة السرية من الجيل السادس، بداية حقبة جديدة في القتال الجوي؟

المرصد العسكري – 24 آب 2025

اكتشف تفاصيل طائرة J-50 الصينية السرية من الجيل السادس، تصميمها المبتكر، قدراتها على التخفي والتحكم بالطائرات بدون طيار، ودورها المحتمل في مستقبل الحروب الجوية.

المرصد العسكري – 24 آب 2025: في كانون الأول 2024، تحوّل يوم عادي في شمال الصين إلى لحظة حاسمة لمراقبي الشؤون العسكرية. فقد وثّق السكان المحليون مقاطع فيديو لمرور طائرتين غير مألوفتين بصمت في السماء، تختلفان تمامًا عن أي طائرة رُصدت سابقًا. لم يكن هناك أي إعلان رسمي أو عرض جوي، بل مجرد طيران هادئ وسري. سرعان ما أطلق المحللون على الطائرتين الغامضتين اسمي J-36 وJ-50، وكان التركيز العالمي الأكبر على الأخيرة.

تميّزت J-50 بصغر حجمها وتصميمها الانسيابي الجريء، بعيدًا عن أي معايير مألوفة، إذ لا تحتوي على زعانف رأسية أو ذيلية، بل تعتمد على جناح دلتا على شكل ألماس حاد، ما يجعلها مثالًا بارزًا على التخفي. لم تكن مجرد نموذج أولي عادي، بل تعد أول خطوة للصين نحو الطائرات المقاتلة من الجيل السادس، ومن المحتمل أن تكون J-50 مجرد البداية.

تتجاوز مفاهيم الجيل السادس مجرد السرعة والتخفي والقدرة على المناورة، لتشمل الحرب المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، السيطرة على الأنظمة غير المأهولة، ودمج أجهزة الاستشعار بشكل غير مسبوق. يبدو أن J-50 صُممت لهذا الغرض تحديدًا، فهي ليست للسيطرة الجوية فحسب، بل لتعمل كنقطة قيادة لشبكة من الطائرات بدون طيار، حيث يمكن لمقاتلة واحدة توجيه سرب كامل.

هذه الرؤية لم تخرج من الخيال العلمي، فقد ألمح إليها المسؤول الصيني عن الطيران والفضاء، وونغ هايانغ، في 2019، حين أعلن أن الصين ستطرح طائرة من الجيل السادس بحلول 2035، مزودة بالذكاء الاصطناعي، التنسيق بين الآلات، وأنظمة أسلحة متقدمة. وقد تكون J-50 التجسيد الأول لهذا الوعد.

يعكس تصميم الطائرة الطموح الصيني، فالهيكل الخالي من الذيل يقلل من البصمة الرادارية في كل الاتجاهات، بينما توفر أطراف الجناح القابلة للتحرك بشكل مستقل استقرارًا أثناء السرعات المنخفضة وكفاءة هوائية محسّنة عند السرعات العالية. وتستبدل الطائرة الزعانف الرأسية بفوهات متجهة ثنائية الأبعاد للتحكم بالمناورة، بينما لا تزال تفاصيل المحرك لغزًا، مع تكهنات باستخدام نسخة معدلة من محرك WS-15 المطوّر لـ J-20، أو تجربة محركات جديدة بالكامل، مع قدرة على الحفاظ على سرعة تفوق سرعة الصوت دون الحاجة إلى الحارق اللاحق.

كما من المتوقع أن تتمتع J-50 بقدرة هائلة على توليد الطاقة الكهربائية، ضرورية لتشغيل نظم مثل الليزر الجوي والحرب الإلكترونية. داخليًا، تحمل الطائرة أسلحتها بالكامل، مع حظائر كبيرة في البطن للصواريخ جو-جو طويلة المدى على الأغلب ستكون خليفة محتمل لـ PL-15، وحظائر جانبية أصغر للأسلحة الدفاعية، ما يحافظ على التخفي ويزيد من قدرة الطائرة على حمل الصواريخ. ويشير التطوير الصيني لصاروخ أقصر مزود بمحرك متقدم إلى إمكانية زيادة عدد الأسلحة الداخلية مستقبلاً.

أما أنظمة الاستشعار، فتوحي بسيطرة مستقبلية على فضاء المعركة، مع قسم أنفي متعدد الأسطح يشبه نظام الاستهداف الكهروضوئي في F-35، يسمح بالكشف السلبي عن العدو دون كشف موقع الطائرة نفسها. وقد أظهرت الصور لاحقًا أن الطائرة تحتوي على قمرة قيادة بمقعد واحد، مؤكدةً أنها منصة يمكن قيادتها آليًا أو بواسطة طيار حسب متطلبات المهمة، مما يعكس جوهر مفهوم الطائرات المقاتلة من الجيل السادس.

بالمقارنة، لا تزال J-20 الصينية تستخدم جنيحات الكانارد والزعانف الرأسية المزدوجة توفر المناورة لكنها تقلل التخفي، بينما تتميز J-31 بتصميم تقليدي مناسب للطيران البحري. لا يقارن أي منهما بشكل J-50 الخالي من الذيل والمصمم خصيصًا للتخفي. ومن المرجح أن تكون J-50 مخصصة للبحرية، بحجمها الصغير ومحركيها المزدوجين الملائمين لعمليات حاملات الطائرات، بينما قد تُخصص J-36 الأكبر للقوات الجوية.

حتى الآن، رُصد نموذج أولي واحد فقط من J-50، وهو أمر معتاد في مراحل الاختبار المبكرة، مع توقعات بعدم دخولها الخدمة قبل أوائل ثلاثينيات القرن الحالي، وربما عام 2035، إذ لا تزال التقنيات الأساسية مثل المحركات المتكيفة قيد التطوير. ومع ذلك، أرسلت الصين رسالة واضحة: بينما لا تزال الولايات المتحدة تعمل على برنامج الجيل القادم للسيطرة الجوية، فقد عرضت الصين بالفعل نظامين متقدمين من الجيل السادس في السماء.

J-50 ليست مجرد طائرة جديدة، بل بداية حقبة جديدة، حيث قد لا يكون الطيار البشري دائمًا هو المسيطر، وتصبح عناصر التخفي، والذكاء الاصطناعي، وتنسيق الطائرات بدون طيار هي مفتاح الانتصار. وما سيأتي بعد ذلك، سيكشفه الزمن، لكن المؤكد أن سباق التسلح الجوي من الجيل السادس قد بدأ رسميًا.